سيدي أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى
نسبه ومولده :
هو السيد العارف بالله , الوارث المحمدي المحقق سيدي أبو الحسن علي ابن عبد الله الشاذلي المغربي , ينتهي نسبه إلى سيدي الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين , شيخ الطريقة الشاذلية .
ولد في غمارة قرب سبته من قرى إفريقية , تفقه وتصوف في تونس , وسكن مدينة (شاذلة ) ونسب إليها .
رحل إلى بلاد المشرق فحج ودخل العراق ثم سكن الإسكندرية , توفي بصحراء (عيذاب ) في طريقه إلى الحج سنة 656 للهجرة .
أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السلام عن أبي مدين شعيب عن سيدي عبد القادر الجيلاني رضوان الله عيهم أجمعين , وقد خلفه في الطريقة سيدي أبو العباس المرسي رحمه الله تعالى .
تعرفه على شيخه عبد السلام بن مشيش رحمه الله تعالى :
قال سيدي أبو الحسن الشاذلي : لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطي فما رأيت بالعراق مثله , وكنت أطلب القطب , فقال لي : ((تطلب على القطب بالعراق وهو في بلادك , ارجع إلى بلادك تجده )) فرجعت إلى المغرب إلى أن اجتمعت بأستاذي الشيخ الولي العارف الصّديق القطب الغوث أبي محمد عبد السلام بن مشيش الشريف الحسني .
قال رضي الله عنه : لما قدمت عليه وهو ساكن مغارة برباطة في رأس الجبل اغتسلت في عين في أسفل الجبل وخرجت عن علمي وعملي وطلعت عليه فقيراً وإذ به هابط علي , فلما رآني قال مرحباً بعلي بن عبد الله بن عبد الجبار , فذكر نسبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم قال لي : ياعلي طلعت إلينا فقيرا عن علمك وعملك فأخذت منا غنى الدنيا والآخرة , فأخذني منه الدهش فأقمت عنده أياماً إلى أن فتح الله على بصيرتي .
من مناقبه رحمه الله تعالى :
قال سيدي ابن عطاء الله السكندري في كتابه لطائف المنن : أخبرني الشيخ مكين الدين الأسمر قال : حضرت في المنصورة في خيمة فيها سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد والشيخ مجد الدين علي بن وهب , والشيخ محي الدين بن سراقة , والشيخ أبو الحسن الشاذلي ورسالة القشيري تقرأ عليهم وهم يتكلمون والشيخ الشاذلي صامت إلى أن فرغ كلامهم فقالوا له : ياسيدنا نريد أن نسمع منك شيئاً , فقال لهم أنتم سادات الوقت وكبراؤه وقد تكلمتم , فقالوا لابد أن نسمع منك فسكت الشيخ ثم تكلم بالأسرار العجيبة والعلوم الغريبة , فقام الشيخ عز الدين وخرج من صدر الخيمة وفارق موضعه وقال اسمعوا هذا الكلام القريب العهد من الله .
قال سيدي أبو العباس المرسي في كتاب أرسله لبعض أصحابه في تونس : ...فإني صحبت رأساً من رؤوس الصديقين وأخذت منه سراً لايكون إلا لواحد بعد واحد وبه أفتخر وإليه انسب وهو سيدي أبو الحسن الشاذلي .
من أقواله رحمه الله تعالى :
وكان رضي الله عنه يقول : إذا عرض لك عارض يصدك عن الله فاثبت , قال الله تعالى
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ) "الأنفال 45"
وكان يقول : إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة , ودع الكشف , وقل لنفسك : إن الله ضمن لي العصمة بالكتاب والسنة , ولم يضمنها في جانب الكشف والإلهام.
ومن أقواله أيضا : أسباب القبض ثلاثة , ذنب أحدثته أو دنيا ذهبت عنك أو شخص يؤذيك في نفسك أو عرضك , فإن كنت أذنبت فاستغفر , وإن كنت ذهبت عنك الدنيا فارجع إلى ربك , وإن كنت ظُلمت فاصبر واحتمل , هذا دواؤك , وإن لم يطلعك الله تعالى على سبب القبض فاسكن تحت جريان الأقدار فإنها سحابة سائرة .
وفاته :
توفي رحمه الله تعالى سنة 656 للهجرة وعمره 63 سنة وهو في طريقه إلى الحج , ففي إحدى الليالي جمع أصحابه وأوصاهم , وقال لهم إذا مت فعليكم بأبي العباس المرسي فإنه الخليفة من بعدي وسيكون له مقام عظيم .
وفي الليل بات متوجهاً إلى الله تعالى تلك الليلة ذاكراً متضرعاً , وسمعته يقول إلهي إلهي حتى انشق الفجر , فلما كان وقت السحر سكت فظننا أنه نام فكلمناه فلم يتكلم فحركناه فلم يتحرك , رحمه الله تعالى ورفعه منازل الصديقين ونفعنا به وبخلفائه . آمين .