المدير Admin
عدد المساهمات : 1105 نقاط : 3322 تاريخ التسجيل : 15/08/2009
| موضوع: تأريخ النحو وأصوله الإثنين يوليو 19, 2010 4:36 am | |
| تعريف النحو في اللغة , هو الطريق والجهة والقصد , ونحو العربية , هو اعراب الكلام العربي . اخذ من قولهم : انتحاه اذا قصده ,وهو انتحاء سمت كلام العرب في تصريفه من اعراب وغيره ليلحق به من ليس من اهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها , وان لم يكن منهم او شذ بعضهم عنها ردّ به اليها . وان في اصل النحو كالعادة اراء عديدة من قبل الباحثين العرب وحتى المستشرقين الاجانب لهم في اصل النحو رأي خاص بهم .... سوف نتطرق الى قسم منها .
ان النحو في اللغة مصدر شائع , اي نحوت نحواً كقولك قصدت قصداً , وقيل ان لقول الامام علي بن ابي طالب بعدما علمّ ابو الاسود الدؤلي , الاسم والفعل وابواباً من العربية قال له : " انح هذا النحو " [ كما ورد في اللسان وتاج العروس , ابن الانباري , المثل السائد , الجمجمي , ابن خلكان ] , وان ابو الاسود لما وضع واكمل بحوثه في النحو عرضه على علي بن ابي طالب , فقال له : " مااحسن هذا النحو الذي نحوت " , لذلك سمي النحو نحواً ..... بينما يشير الجاحظ الى وجود اللفظة في ايام عمر اذ يقول " وقال عمر : تعلموا النحو كما تعلّمون السنن والفرائض ,... وهذا الخبر يشبه خبراً اخر نسب اليه ايظاً ذكر انه قال : " تعلموا اعراب القرآن كما تعلمون حفظه " , او " تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلمون القرآن " .... والظاهر انهم خلطوا بين كلمتي "اللحن " و " النحو " , ولو فرضنا قول الجاحظ صحيح وكانت الكلمة هي النحو وغير محرفه , دلت على وجود هذه التسمية في ايام الاسلام الاول ووجوده كعلم , علماً ان هذا العلم كان موجود قبل الاسلام اي في ايام الجاهلية لدى العرب ... بينما اكثر العلماء ينسبون ظهور علم النحو في الاسلام , ظهر بظهور الحاجة الماسة اليه لظبط اللسان وصيانته من الخطأ ولتعليم الاعاجم نمط الكلام بالعربية . ورجع اكثرهم مصدره واساس تطويره الى الامام علي بن ابي طالب , ويقولون ان ابا الاسود الدؤلي اخذ هذا العلم عنه , وعن هذا الكلام يقولون ان الامام دفع الى ابا الاسود رقعة مكتوب فيها : " الكلام كله اسم وفعل وحرف , فالاسم ما انبأ عن المسمى , والفعل ماانبئ به , والحرف ماافاد معنى , واعلم ان الاسماء ثلاثة : ظاهر ومضمر واسم لاظاهر ولامضمر " , ثم وضع ابو الاسود الدؤلي بابي العطف والنعت ثم بابي التعجب والاستفهام الى ان وصل الى ان واخواتها ولم يضف لها " لكن " , فلما عرضها على الامام ,امره بضم "لكن " لهذا الباب وكلما وضع باباً من ابواب النحو عرضها عليه [ كما جاء في ضحى الاسلام , ابن الانباري ] .... وكذلك وضع حين اضطرب كلام العرب باب الفاعل والمفعول والمضاف وحروف الجر والرفع والنصب والجزم .....
وفي رواية اخرى وجدت في كتابي ( النزهة, والكشاف ) , تذكر الرواية ان ابا الاسود الدؤلي , انما وضع النحو بأمر من الخليفة عمر , روت ان اعرابياً قدم المدينة في خلافته , فقال " من يقرئني شيئاً مما انزل الله على رسوله محمد ؟ , فأقره رجل سورة براءة , فقال : ان الله برئ من المشركين ورسوله (بالجر ) , فقال الاعرابي : أوَ قد برئ الله من رسوله ! ان يكن الله برئ من رسوله فأنا ابرأ منه ! , فبلغ الخبر عمر فدعاه وقال له : ياأعرابي : أتبرأ من رسول الله ؟ ! , قال الاعرابي : ياامير المؤمنين انا لااعلم بالقرآن شيئاً وقد قرأ الرجل لي ذلك وانا مصدق لما أتى من الله .... فقال عمر يااعرابي ليس هكذا بل ان الله برئ من المشركين ورسوله ( بالضم ) , فرد الاعرابي :وأنا والله أبرأ ممن برئ الله ورسوله منه ( لاحظ تغير المعنى من خلال تغير الحركات ) . فأمر عمر ألا يقرئ القرآن الا عالم باللغة , وامر ابا الاسود الدؤلي ان يضع النحو .... فأياً كان من الاخبار الواردة في الروايات فأن من أمر او له الفضل في ذلك فهو أحد الخلفاء الراشدين والمشترك بينهم ابو الاسود الدؤلي .. وهذا لايفسد بالود قضية ...
ولأبي الحسن احمد بن فارس المتوفي في سنة 395 هجرية , وهو من مشاهير علماء اللغة , رأي طريف في منشأ هذا العلم خلاصته : ان ابا الاسود الدؤلي كان اول من وضع النحو في العربية , لكن هذا العلم قد كان قديماً , واتت عليه الايام وقلّ في ايدي الناس , ثم جدده هذا العالم , فهمر مجدد له وباعثه وليس مخترعه . وان كثير من العلماء كما اشرت يرجح انه اخذه من الامام علي وذلك على لسانه هو حيث عندما سؤل ابو الاسود من اين لك هذا العلم ؟ اجاب : أخذت حدوده من علي بن ابي طالب .
وقد درس المستشرقين موضوع نشأة علم النحو وأصله , فمنهم من قال انه نقل من اليونان الى بلاد العرب , وقال آخرون انه عربيّ الاصل وقد نبت كما تنبت الشجرة في ارضها ... وتوسط آخرون قائلين انه كان من ابداع العرب , ولكن لما تعلم العرب الفلسفة اليونانية من السريان في بلاد العراق , تعلموا ايظاً شيئاً من النحو وهو النحو الذي كتبه ( أرسطو طاليس )..... وقد الف بعض المستشرقين بحوثاً في موضوع النحو العربي ومدارسه ومنهم ( فلوكل ) و (هول ) و (رايت ) ,وغيرهم وقد تطرقوا الى قواعد اللغة العربية و آراء علمائها فيها . وقد ذهب بعض المحدثين المستشرقين القائلين بتاثر النحو العربي بالنحو اليوناني وذلك لامور منها ان تقسيم الكلام المألوف المتبع في النحو هو تقسيم يوناني واعتبار القياس اصلاً من اصول النحو ووجد مدارس سريانية كانت تدرس علوم النحو في مدارسها عند ظهور الاسلام ..... ووجد يونان واديرة في العراق !!! , فلهذه الاسباب نقول ( على رأي المحدثين المستشرقين ) ان النحو العربي قد تاثر بالنحو اليوناني وبمنطق ارسطو خاصة , ولاسيما وان النحو قد ظهر في العراق , وهو ملتقى الحضارات وقد تاثر به العرب وخاصة الخليل بن احمد الفراهيدي الذي كان له صله وثيقة مع علماء السريان في العراق مثل حنين بن اسحاق وغيرهم ..... (انتهى رايهم ) .
نلاحظ هنا ان العلماء الغربيين ينسبون كل العلوم والاكتشافات الى حضارة اليونان وحتى وان وجدت في العراق !!! .... لكن الحقيقة الواضحه للعيان والتي دائماً تطيح بآراء وجميع الحقائق المزيفة وعلى مدى كل العصور , ان حضارة العراق هي السبّاقة في كل هذه الاختراعات والاكتشافات والعلوم ومنها طبعاً النحو الذي اخذه منهم اليونان والتي جاءت بعد حضارتنا بقرون عديده ....وقد كان للبابليين والآشوريين ومن قبلهم السومريين على علم باللغات وتصريفاتها وكيف لا وهم من اخترع الكتابة واصولها ومن ضمنها اللغة التي ترجمت الى كتابة مدونه ظاهره للعيان , وكان لهم اساس في النحو ودراسة اللغة وبقى هذا العلم عراقي الاصل يوناني الاستيراد حتى ظهور الاسلام ....ان البابليين الاوائل وضعوا نحواً للغتهم وكان اساس جميع اللغات العالمية فيما بعد , وهذا النحو وبشكل مختصر , قالوا ان الكلام يتكون من اسم وكلمة وارتباط .... حيث ان الاسم هو الاسم , والكلمة هي الفعل المراد بها هنا , (كما يقال في اللغات الاوربية verb ) والرباط هو الحرف ( كما يقال في اللغات الاوربية conjunction اي ارتباط ) وهذه الكلمات اسم وفعل ورباط ترجمت الى اليونانية واخذت عن البابليين ...... وفي كتاب لعالم اللغة العربي سيبويه قال كذلك ان الكلام هو فعل واسم وحرف , وجميع علماء اللغة العرب قاولوا قبله وبعده ذلك اما اصطلاحات الاسم والحرف والفعل فهي اصطلاحات عربية خالصة غير مترجمة .... لان البابليين قالوا اسم وكلمة ورباط ( وكانوا يريدون بها نفس المعنى لكن بغير كلمات ) .
ويتفق مع هذا الرأي العلامة الكبير جواد علي وغيرهم .... وبسببه صار العراق القطر الاسلامي الاول الذي نبت فيه علم العربية والنحو وذلك لوجود علم سابق في العربية عند اهل الحيرة والانبار والقرى العربية العراقية الاخرى وهم امتداد للعراقيين القدامى , وبسبب ظهور الحاجه اليه لتعليم العرب وغيرهم اصول لغتهم وكيفية صيانة اللسان من الوقوع في الخطأ ..... فكان من وقوف الامام علي وابو الاسود الدؤلي , وهما من اصحاب الذكاء الخارق والتعطش الى البحث والاستقصاء , فاخذوا به وتوسع على ايديهم وتحدث وتطور وممن جاء بعدهم وتمت عملية التطور بالتدريج فهي حاصل ذلك التراث العريق .
وان العراق في العصور الجاهلية برز سائداً على الاقطار العربية فيما بعد عند ظهور الاسلام في علوم العربية حتى على يثرب ومكة وهما موطنا الاسلام ومهبطه , لم ينافساه في هذا العلم ( من قبل علماء اللغة ) وهذا كما جاء في [ الاصمعي والسيوطي ] , وفي انفراد العراق وتفوقه على غيره من الامصار في هذه العلوم ألا لدلالة على وجود البذور القديمة لها في هذه الارض قبل الاسلام , فلما دخل العراق في الاسلام تطورت واتسعت جميع العلوم , فكان ماكان من ظهورها فيه .... وألا لماذا سميت الكوفه جمجمة العرب بعد انشائها من قبل الخليفة عمر , ونحن نعرف الجمجمة المراد فيها هنا هو العقل والراس الذي يعطي الاوامر لكل الجسم ووظيفته التفكير والابداع والانتاج وخزن الملعومات والى ماشابه ذلك .
ولاعطاء فكرة موجزة عن الاسماء التي حملت اللغة العربية وكانوا من علمائها في الاسلام والذين اخذوا عن ابو الاسود الدؤلي منهم , ابنه عطاء وكان قد بعج العربية وبرز بها , ومنهم يحيى بن يعمر وعنبسة بن معدان الملقب ب عنبسة الفيل ويقال حتى نصر بن عاصم اخذ من ابو الاسود واخذ عن نصر ابو عمرو بن العلاء البصري واخذ عنه الخليل بن احمد الفراهيدي واخذ عنه احد طلابه العباقرة سيبويه واخذ عن سيبويه الاخفش . وهكذا تطور هذا العلم وتدرج بهذا التدريج ليصل الينا على ماهو عليه الآن ..
ها قد قدمت تاريخ النحو واصوله بشكل سريع لتاريخ هذا العلم الضخم الذي يحتاج الى كتب ومؤلفات كثيرة حتى تعطيه حقه .
| |
|