السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
دار في الآونة الأخيرة نقاش وجدال حول مشروعية الرقية الجماعية ، فذكر البعض أن ذلك من باب المصلحة الشرعية ، وذكر مخالفوا هذا القول بأنه لم نسمع مثل ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خلفائه أو التابعين والسلف ، ومن أجل أن تعم الفائدة ويستقيم الأمر وفق تأصيل شرعي ، أورد لكم هذا الرد العلمي الذي تقدمت به لفضلية الشيخ ( علي بن نفيع العلياني ) حيث أنه رفض الأمر جملة وتفصيلاً ، وأترك لكم الحكم في المسألة :
وقع تحت ناظري كتيب قيم يبحث في موضوع الرقية والتمائم بصورة عامة ، فقرأته وألفيته نافعا مفيدا في مضمونه ومحتواه ، فحمدت الله سبحانه وتعالى أن قيض لهذه الأمة رجالا صدعوا بالحق وأحيوا سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحاربوا البدعة وأهلها ، إلا أنه استوقفني كلام في هذا الكتاب أفرد له المؤلف فصلا خاصا من كتابه تحت عنوان ( حكم التفرغ لأجل القراءة على الناس واتخاذها حرفة ) ، وقد ذكر الكاتب - حفظه الله - في مقدمة هذا العنوان عن بعض طلبة العلم ممن تفرغوا للرقية والمعالجة ، وأن شهرتهم بلغت الآفاق ، بحيث وسعوا منازلهم ونظموا المواعيد لذلك ، ويقول ما حكم ذلك في هذه الصورة وبهذه الكيفية ، وبدأ بسرد بعض المفاسد المترتبة على ذلك الأمر 0
ولوجهة نظري المخالفة للمؤلف في هذه النقطة بالذات ، أحببت أن ادلي بدلوي وأنوه بما فتح الله علي من علم اكتسبته من علمائنا حفظهم الله مستشهدا في بعض النقاط بالكتاب والسنة والأثر 0
وهذا لا يعني إنكار كثير من المظاهر التي يراها المسلمون اليوم على الساحة فيما يتعلق بالرقية الشرعية والتجاوزات والانحرافات عن المنهج القويم ، من حيث الجهل بالأحكام الشرعية ، والجهل في التعامل مع المرضى في كافة النواحي ، وإصدار الأحكام العشوائية ، واتباع أساليب منافية تماما لما يجب أن تكون عليه ، واتخاذ الرقية الشرعية وسيلة للتجارة والتكسب ، ولا يشك أحد مطلقا في أن استخدام هذه الوسائل والأساليب وتجويزها أو استساغتها أو تسويغ فعلها للآخرين هو خطأ فادح له آثاره وعواقبه الوخيمة والتي لا يعلم مداها وضررها إلا الله سبحانه وتعالى 0
وأما تعميم ذلك ، وإصدار الأحكام على إطلاقها فيحتاج للتأني والتريث ، وكل عمل وكل جانب يقوم به الإنسان قد يعتريه الخطأ ، ومهم أن يوظف لمثل تلك الأخطاء من يقومها ويعالجها ، لتكون مسيرة الدعوة إلى الله سبحانه وفق منهج واضح قويم ، وعلى أسس عقائدية صحيحة مستقاة من الكتاب والسنة والإجماع ، فنسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير 0
ومن هنا نرى أن العلماء الأجلاء - حفظهم الله - قد أدركوا خطورة ذلك الأمر ، خاصة ما يتعلق بالناحية العقائدية ، فوضعوا الضوابط والمعايير لمن أراد أن يدخل في هذا المعترك ، وقد استكانت القلوب واطمأنت لما في ذلك الإجراء من مصلحة شرعية عامة للمسلمين 0
وأبدأ بسرد كافة النقاط التي تعرض لها الدكتور الفاضل – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه – وأعلق عليها بما يسمح به المجال والمقال :
1)- ذكر أن من وجود الجموع الكثيرة من الناس عند القارئ ، قد يظن عوام الناس أن لهذا القارئ خصوصية معينة بدليل كثرة زحام الناس عليه ، وتطغى حينئذ أهمية القارئ على أهمية المقروء 0
* هل مثل ذلك الظن يعتبر طعنا وقدحا في الراقي إن اتبع الأسلوب الأمثل للرقية الشرعية منهجا وسلوكا ، ومنذ متى يأخذ أهل العلم وطلبة العلم بما يظنه العوام من الناس ، إن تلك المجالس قد يأتيها أناس لم يذهبوا قط في يوم من الأيام إلى مجلس طلب علم ، واستقطاب هذه الجموع من خلال هذا المنبر الدعوي ، وترسيخ بعض المفاهيم الاعتقادية أمر جليل يحتاج للتدبر والتأمل ، وأذكر من تلك المفاهيم :
أ - إيضاح العقيدة الصحيحة والمنهج القويم للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وترسيخ تلك الحقائق في الأذهان 0
ب - التحذير من خطر الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والعرافين والدجالين ، وإيضاح حقيقة السحر وخطورته ، وما يتعلق به من مفاسد عظيمة ، وتثقيف العامة بتلك المعلومات 0
ج - التحذير من المعاصي وأثرها السيئ على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم 0
إن من دواعي سرور المؤمن أن يرى ويسمع عن أناس قد من الله سبحانه وتعالى عليهم بالهداية ، وعرفوا بالاستقامة والصلاح والله حسيبهم ، نتيجة للمتابعة والرقية عند إخوة أفاضل اتخذوا منهجا وطريقا صحيحا واضحا في العلاج ، وهذا بحد ذاته يثلج قلب المؤمن الصادق عند رؤيته لتلك الجموع التي تلجأ لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 0
إن إيضاح حقيقة الرقية الشرعية ومفاهيمها واستدلالاتها وما تحتويه من نواحي تمس عقيدة المؤمن ، وكذلك تفصيل وتبيان المناقض للرقية من مظاهر كفرية وشركية كالذهاب للسحرة والمشعوذين وتعليق التمائم الكفرية ونحوه ، كل ذلك يحقق في مجمله منفعة عظيمة وآثارا ايجابية يطمح لها كل داعية وطالب علم ، ولا نعتقد أن البديل عن ذلك يسعد أي منا ونحن نرى العامة والخاصة يطرقون أبواب السحرة والمشعوذين ، والعرافين ، فتنتكس الفطر ، وتدمر العقائد 0
وثقتنا بالعلماء كبيرة ، وقد تكلم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – في شريط ( لقاء الأحبة ) عن التفرغ للقراءة فأفتى سماحته بجواز ذلك ، لما يرى في ذلك من مصلحة شرعية عامة للمسلمين ( فتوى مسجلة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ) ، وكما أفتى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله – في لقاء القراء 0( فتوى مسجلة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين )0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين السؤال التالي :
كثر في الآونة الأخيرة القراء الذين يرقون على المرضى ، وتزاحم الناس على أبواب بيوتهم ، مما حدا بعضهم للتفرغ بالقراءة وترك عمله أو دراسته ، وبالطبع أصبح دخل معيشته من تلك القراءة ، ومما يبيعه من الماء والزيت وما أشبه ذلك 0
وحصل بعض الخلاف بين طلبة العلم ، فقائل يقول بجواز فعلهم ، والآخر يقول بعدم جواز ذلك مستدلاً أنه لم يُنقل عن الصحابة ولا التابعين ولا من أتى بعدهم أن أحدهم قد تفرغ للقراءة ، بل بفعلهم هذا انتشر من ليس لديه علم ودراية بالرقية الشرعية ، فما هو القول الراجح في هذه المسألة ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( لا بأس بالرقية الشرعية بالآيات القرآنية والأدعية المأثورة لحديث أبي سعيد في قصة الرقية على اللديغ واشتراطهم قطيعاً من الغنم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " اقسموا واضربوا لي معكم بسهم " ( صحيح الترمذي - 1685 ) وقوله صلى الله عليه وسلم " إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله " ( صحيح الجامع 1548 ) 0 ومع ذلك فلا يجوز كثرة الاشتراط ولا الأخذ للمال الكثير مقابل عمل يسير ، وننصح القارئ أن لا يشهر نفسه ، وأن لا يشدد في اشتراط الأجرة ، بل إن دفع إليه شيء بلا شرط أخذه وإلا لم يطلب ، وبذلك يحصل النفع بقراءته إن شاء الله وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ) ( المنهج اليقين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) 0
وسئل فضيلته عن القراءة على الجمع في مكان واحد بالميكرفون فأجاب – حفظه الله - :
( ذكر بعض القراء أن ذلك جرب فأفاد وحصل الشفاء لكثير من المصابين ، وذلك أن سماع المصروع لتلك الآيات والأدعية والأوراد يؤثر في الجان الذي يلابسه فيحدث أنه يتضرر ويفارق الإنسي ، أو أن هذا القرآن هو شفاء كما وصفه الله تعالى فيؤثر في السامع ولو لم يحصل من القارئ نفث على المريض ، ومع ذلك فإن الرقية الشرعية هي أن الراقي يقرب من المريض ويقرأ عنده الآيات وينفث عليه ويمسح أثر الريق على جسده بيده ، ويسمعه الآيات والأدعية حتى يتأثر بسماعها ، فعلى هذا متى تيسر أن يرقى كل واحد منفردا فهو أفضل وإن شق عليه ما ذكر من القراءة قرأ في المكبر مع العلم بأن تأثيرها أقل من تأثير القراءة الفردية ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية في الرقية الشرعية – ص 22 ) 0
وقد كان رأي لبعض العلماء موافق لرأي أخي الفاضل الدكتور علي بن نفيع العلياني –وفقه الله للخير فيما ذهب اليه- كما أفتى بذلك فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - عند سؤاله عن فتح عيادات متخصصة للقراءة فأجاب :
هذا لا يجوز لأنه يفتح باب فتنة ويفتح باب احتيال للمحتالين وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون دورا أو يفتحون محلات للقراءة 0 والتوسع في هذا يحدث شرا ويدخل فيه من لا يحسن لأن الناس يجرون وراء الطمع ويحبون الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة ومن يأمن الناس ولا يقال هذا رجل صالح لأن الإنسان يفتن والعياذ بالله ولو كان صالحا ففتح هذا الباب لا يجوز ويجب إغلاقه ) ( السحر والشعوذة – ص 102 ) 0
فالمسألة اجتهاد مبني على أقوال علماء أفاضل في كلا الحالين ، مع أن التقنين والتوجيه السليم لذلك الأمر يعطي ثماراً طيبة بإذن الله تعالى 0
ولا يعني ذلك أن العوام عندما يرون جموعا في محاضرة لأحد العلماء أو طلبة العلم ، وظنوا أن أهمية العالم طغت على أهمية علمه ، نوقف طلب العلم والمحاضرات 0
وإن من الله سبحانه وتعالى علي بعلم متواضع يسير فالفضل بعد الله سبحانه للعلماء العاملين العابدين ، ولا أنكر مكانة وقدر وتحصيل الدكتور الفاضل وعلمه الشرعي ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون صادعين بالحق ، مدافعين عنه إنه على كل شيء قدير 0
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، إنه هل يمكن أن يؤدي العلاج عند المقرئين إلى نوع من التقديس لهم وكيف يمكن تفادي ذلك ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( هذا يختلف باختلاف الناس ، فمن الناس من يقدس من أسدى له خيرا حتى ولو كان أمرا دنيويا ، ومنهم من لا يقدسه ولكنه يرى أن له معروفا عليه لا يكافئه إلا بقضاء حاجة 0
لكن إذا كان الشفاء بالقراءة الشرعية فإن التقديس للإنسان أكثر توقعا مما لو كان بغير ذلك ، لأنه ربما يعتقد أن لهذا المعالج منزلة عند الله عز وجل ، وأنه بسبب هذه المنزلة فقد كتب الله الشفاء على يديه ، لكن الواجب أن يعلم الإنسان أن القراءة هي سبب للشفاء والدواء الذي حصل به الشفاء إنما هو سبب ، والله سبحانه وتعالى هو المسبب ، وأن الإنسان ربما يفعل الأسباب فتوجد موانع تحول دون تأثيرها ، فالأمر كله بيد الله سبحانه ، والواجب أن يحمد الإنسان ربه على ما حصل له من الشفاء ، وأن يكافئ من حصل الشفاء على يديه بما يقتضيه الحال ) ( كتاب المسلمون – ص 96 ، 97 ) 0
2)- ذكر أنه بالنظر إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه وسيرة علماء الإسلام الموثوق بعلمهم وفضلهم لم نر أحدا منهم انقطع عن أعماله واتخذ هذا الأمر حرفة 0
* إن كان القصد من الكلام آنف الذكر ، الأمور التعبدية وما يتعلق بها من أحكام ، فلا خلاف في ذلك على الاطلاق ، خاصة أن الأمور التعبدية والإخلال بأي جزئية من جزئياتها يوقع في المحاذير الشرعية بحسب حالها ، ومثل ذلك التخصيص وبهذه الكيفية لا يعتبر في جزئياته بعد عن الكتاب والسنة ، فكما أن العلوم الشرعية برمتها تشعبت وتنوعت ، كعلم مصطلح الحديث ، وأصول التفسير ، وأصول الفقه وغيرها من العلوم الشرعية ، ومثل ذلك التشعب والتنوع لا يعني مطلقا خروجا عن السنة المطهرة ، أضف إلى ذلك وجود المعاهد الدينية ، ومدارس تحفيظ القرآن ، المؤسسات الشرعية ، كالمؤسسات الخيرية ونحوها ، كل ذلك يبقى في بوتقة الشريعة وضمن حدودها إذا روعي من خلال ذلك الضوابط الشرعية ، فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من أهل المنهج القويم والعقيدة الصحيحة إنه على كل شيء قدير 0
وإن كان الأمر ليس كذلك كالرقية الجماعية ، فهو اجتهاد بني على فتاوى العلماء حفظهم الله ، كإجراء تنظيمي ليس إلا ، وهذا يؤكد على أهمية لجوء المعالج فيما يتعلق بالمسائل المشكلة للرقية الشرعية وما يدور في فلكها وعلى اختلاف جزئياتها للعلماء وطلبة العلم ليسترشد بعلمهم ، ويستأنس برأيهم ، وبعض العلماء وطلبة العلم كان لهم رأي موافق لرأيك ، ولكن ليس بالأسلوب الجارح الموجه إلى من يعالج بالرقية الشرعية الثابتة بهذا الأسلوب والكيفية ، وتبقى المسألة خلافية بين العلماء ، وموقفنا من المسائل الخلافية معلوم ، خاصة إن كان الخلاف بين علماء أفاضل نذروا حياتهم وجل أوقاتهم في سبيل الدعوة ونصرة الدين ، فالواجب احترام رأيهم وتقديره ، وأن نسعى لعدم مخالفة الأصول والأحكام الشرعية ، وندور في فلك الكتاب والسنة والأثر ، ويعتقد أن الجميع يتوافق في الرأي بخصوص ذلك ، فالغاية والهدف هو المصلحة العامة الشرعية للإسلام والمسلمين 0
3)- ذكر أن الشياطين عندما ترى تعلق الناس بشخص ما قد تساعده ، وهو لا يشعر فتعلن خوفها وخروجها من المريض ونحو ذلك 0
* إن هذه المسألة ترتبط أساسا بحال المعالج وقربه من الخالق وصحة اعتقاده ومنهجه والتوجه السليم الذي يأخذ بعين الاعتبار كافة الجوانب المتعلقة بالرقية الشرعية ، واعتقد أن فحوى هذا الكتاب يؤكد على تلك المبادئ الأساسية التي لا بد أن ينشدها كل متصدر للرقية الشرعية ، وكل معالج أدرك هذه الأساسيات يعلم يقينا أن الأمر بيد الله سبحانه وتحت تقديره ومشيئته ، وقد أسلف الكاتب - حفظه الله - أن القائمين على ذلك الأمر من طلبة العلم ، ولا اعتقد أنه من السذاجة أن يمر عليهم مثل تلك الدسائس الشيطانية ، وهذا لا يعني عدم الوقوع في الخطأ ، ولكن وبتكاتف العلماء وطلبة العلم وتقديم النصح والإرشاد ، وبالمتابعة والتوجيه للقائمين على ذلك الأمر ، تتحقق المنفعة والمصلحة الشرعية 0
أما إن كان المؤلف يعني بكلامه الجهلة بالشريعة وأحكامها ، وأصولها وفروعها ، واقتحم باب الرقية حبا في المال والظهور ، والشهرة والسمعة ، فإنني لا أعنيهم مطلقا 0
وأما الاستشهاد بحديث الإمام أحمد - رحمه الله - في مسنده برقم ( 1 / 381 ) ، والحديث أورده العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - في السلسلة الصحيحة 1 / 584 ، على النحو التالي :
( أخبرت زوجة عبدالله بن مسعود فقالت : كانت عيني تقذف ( قال صاحب لسان العرب : والقذف : الصب - لسان العرب - 9 / 276 ) فكنت اختلف إلى فلان اليهودي يرقيها ، وكان إذا رقاها سكنت 0 قال : إنما ذلك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقيتها كف عنها ) 0
وقصة الحديث آنفا كما ثبت في صحيح سنن ابن ماجة لمحدث بلاد الشام العلامة محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( عن زينب ، قالت : كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحمرة ، وكان لنا سرير طويل القوائم 0 وكان عبد الله ، إذا دخل ، تنحنح وصوت 0 فدخل يوما ، فلما سمعت صوته احتجبت منه 0 فجاء فجلس إلى جانبي 0 فمسني فوجد مس خيط 0 فقال ما هذا ؟ فقلت : رقي لي فيه من الحمرة 0 فجذبه وقطعه ، فرمى به وقال : لقد أصبح آل عبدالله أغنياء عن الشرك 0 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) قلت : فإني خرجت يوما فأبصرني فلان 0 فدمعت عيني التي تليه 0 فإذا رقيتها سكنت دمعتها 0 وإذا تركتها دمعت 0 قال : ذاك الشيطان 0 إذا أطعته تركك ، وإذا عصيته طعن بإصبعه في عينك 0 ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرا لك وأجدر أن تشفين 0 تنضحين في عينك الماء وتقولين : أذهب البأس 0 رب الناس 0 اشف ، أنت الشافي 0 لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ) ( صحيح الجامع 855 ) ( وقد عرج على ذلك في كتابي الموسوم ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( أدلة تحريم تعليق التمائم الشركية من السنة المطهرة ) 0
ولي بعض الوقفات عند هذا الحديث :
أ - لا يوجد وجه للمقارنة بين يهودي بين في منهجه وتوجهه واعتقاده ، وبين مسلم موحد صحيح المنهج والعقيدة والدين 0
ب - الاستشهاد الذي تحدث عنه الكاتب - حفظه الله - غير صحيح في هذا الموضع بالذات ، فالأمر كما هو واضح في الحديث أمر فردي لزوجة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - وقد يحصل ذلك لأي شخص سواء كان متخصصا أو غير متخصص في الرقية ، بمعنى حصول ذلك في رقية لحالة معينة ، أو حصولها في رقية جماعية ، فهل يعني ذلك منع الرقية بصفة عامة خوفا من ألاعيب الشيطان ودسائسه ، وتعطيل سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل قد تصل إلى درجة الوجوب في بعض الحالات التي قد يتعرض فيها المريض لحالة الخطر ، وماذا سوف يكون البديل لذلك ؟ لا نشك مطلقا بأن أبواب السحرة والمشعوذين والعرافين والدجالين سوف تشرع على مصراعيها نتيجة لذلك 0
ج - الأمر لا يعتمد على استدراج الشيطان بقدر ما يعتمد على قوة الإيمان والتوكل والاعتماد على الله سبحانه وتعالى من قبل المعالج ، ومعرفته باستدراجات الشيطان التي تم ذكرها في كتابي الموسوم ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) 0
4)- ذكر أنه قد يتوهم القارئ الذي يزدحم الناس على بابه ويرى كثرة المرضى الذين يعافيهم الله بسبب رقيته ، وكيف أن الشياطين تخاف منه ، ويتوهم أنه من الأولياء الأبرار ويصيبه العجب 0
* ما ذكر في هذا الموضع قد يذكر في كثير من المواضع الأخرى ، ولا يعني ذلك أن كثيرا من العلماء وطلبة العلم أعجبوا واختالوا بأنفسهم ، ولا يعني أن مفسري الرؤى والأحلام حصل لهم مثل ذلك ، فالأمر يعتمد أساسا على حال كل منهم وتوجهه وارتباطه بخالقه ، وكذلك الأمر بالنسبة للمعالج ، فمنهجه وتوجهه إن كان بنية خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فلا بد أن يكتب له التوفيق ، كالعالم والطبيب ونحوه ، وأما الاعتقاد بأن الشياطين تخاف وتهرب منه ، فلا نعتقد أن أحدا ممن تصدر هذا الأمر وعلى أسس عقائدية واضحة ثابتة يفكر بمثل ذلك ، وهو يعلم يقينا أكثر من غيره أن الجن والشياطين عالم غيبي ، حفظ منه بحفظ الله سبحانه وتقديره ومشيئته ، ولولا ذلك لناله أذاهم وبطشهم ، لمحاربته لهم ونصرة إخوانه المظلومين ، ويعلم يقينا أنهم يهربون ويفرون من كلام الله عز وجل فهو الذي يحرقهم ويردهم خائبين خاسرين 0
5)- ذكر أن الملاحظ على القراء أصحاب الكيفية المتقدمة أنهم يقولون بغير علم ويعني - حفظه الله - في قضايا التشخيص 0
* بالنسبة لهذه النقطة بالذات فسوف تكون لي بعض الوقفات اليسيرة التي أوضح وأبين الأمر من خلالها :
أ - إن كان المعني بذلك القراء الجهلة غير المتمرسين ، الذين لم يكتسبوا الرقية الشرعية عن علم ودراية ودراسة ، فإننا نقر الرأي القائل بذلك ، ومن هنا كان لا بد أن يؤخذ هذا العلم من الشريعة السمحة أولا ثم من ذوي الخبرة والاختصاص والتجربة في هذا المجال ، كما بينت ذلك في كتابي الموسوم ( القول المُعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0
ب - أما إن كان المعني بذلك القراء المتمرسين ، فوقوع الخطأ وارد ، والطبيب قد يخطئ التشخيص مع إمكانياته العلمية والتقنية والأجهزة المتطورة التي يمتلكها من أشعة ومنظار وغيره ، فكيف الحال بمن يتعامل مع أمر غيبي بكل جوانبه ، ألا يتوقع حصول ذلك منه ؟ الإجابة واضحة ، وإدراك ذلك بالنسبة للمؤلف لا يشوبه أدنى شك ، فقد وصل لمرحلة متقدمة من العلم ، وهو أعلم من غيره بأساليب البحث العلمي وبحوث العمليات المتعلقة بالدراسة الأكاديمية ويدرك حصول الزلل والخطأ ، مع الإشارة إلى أفضلية لجوء المعالج لاستخدام أسلوب التورية ( المعاريض ) مع المرضى للمصلحة الشرعية المرجوة من جراء ذلك ، كما أشرت في كتابي الموسوم ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) 0
ج - أستسمح القارئ عذرا في العودة لكتابي الموسوم ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) وكل ما ذكر تحت هذا العنوان يبين أن الرقية الشرعية علم شرعي قائم بذاته ، تحتوي على مسائل فقهية كثيرة ودقيقة كنت أجهلها ، وأفادني بها علماؤنا وطلبة العلم حفظهم الله ، بعد استرشادي بأقوالهم وآرائهم ، فالأمر ليس كما يبدو للبعض قول بلا علم ، إنما هو قول بعلم ، مصدره الكتاب والسنة والأثر ، وأقوال أهل العلم العابدين العاملين ، ولا زلت أذكر بأن الأمر برمته يتعلق بذوي العقيدة الصحيحة والمنهج القويم والتوجه الصحيح ، وما دون ذلك لا يقاس عليه ، ولا يؤخذ بالاعتبار والحسبان 0
د - وقياسا على ذلك فكثير ممن يدعي العلم الشرعي ويفتي بغير علم ، هل يعتبر ذلك قدحا في الشريعة وأحكامها وأهل العلم والمنتسبين إليه ؟ كذلك الحال بالنسبة للرقية ، فمدعي الرقية دون أن يكون له فيها ناقة أو جمل ، لا يعتبر قدحا في الرقية وأهلها ، والأساس في المنهج والتربية والسلوك ، وأكرر بأن الرقية وفق المنهج السليم والأسس الثابتة ، لا بد أن تعطي ثمارها الدعوية بإذن الله تعالى 0
6)- ذكر الكاتب أنه من الملاحظ على القراء أصحاب الكيفية المتقدمة ، أنهم يجمعون الفئام من الناس فيقرأون عليهم جميعا قراءة واحدة حرصا على كسب الوقت أمام كثرة الزائرين ، ثم يدورون على أوعيتهم يتفلون فيها واللعاب والرذاذ الذي خالط القراءة قد ينقضي في الوعاء الأول والثاني فمن أين لهذا القاري أن لعابه كله مبارك 0
أ - إن القراءة الجماعية بهذه الكيفية والصورة ما قصد بها كسب الوقت ونحوه ، والاعتقاد الجازم بأن القرآن العظيم شفاء ، لن يبدل من حقيقة هذا الاعتقاد فيما لو كانت القراءة فردية أو جماعية ، وتصحيحا ( لقضية كسب الوقت ) التي أوضحها المؤلف فليس الأمر كذلك ، بقدر ما هي تنظيم لوقت الراقي وطاقته ومجهوده ، ولا شك أن المعالج إنسان لديه من المسؤوليات والأعمال تجاه نفسه وأهل بيته ، ما يحول دون فتح المجال على مصراعيه كافة الأوقات والساعات ، وفعل ذلك ما كان إلا تنظيما لوقته واستدراكا لحاجته وظرفه ، وقد أفتى بعض العلماء ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله - بجواز ذلك كما أشرت سابقا 0
ب - أما أنهم يدورون على أوعية المرضى ويتفلون فيها اللعاب والرذاذ الذي خالط القرآن قد ينقضي في الوعاء الأول ، فهذا الكلام يحتاج لمراجعة وإعادة نظر ، إن الأدلة الثابتة في السنة المطهرة تؤكد أن ريق المؤمن خير وشفاء ، وقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح ، قال بإصبعه : هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها ، وقال بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا ) ( متفق عليه ) 0
وهناك بعض الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها ومعناها صحيح ، قد أيدت ذلك كما أفاد أهل العلم - حفظهم الله - ، ومثال ذلك ( سؤر المؤمن شفاء ) ( لا أصل له ، وقد ذكره الحوت في " أسنى المطالب " – برقم ( 718 ) ، والقاري في " الأسرار المرفوعة " – برقم ( 217 ) ، والغزي في "إتقان ما يحسن من الأخبار" – برقم ( 915 ) وقال : ليس بحديث ، والزبيدي في " تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس " – برقم ( 91 ) ، والعامري في " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث " – برقم ( 178 ) ، والجبري في " المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف " – برقم ( 113 ) ، والهروي في " المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " – برقم (144) ، والسخاوي في " المقاصد الحسنة " – برقم (534) ، والمدني في " تحذير المسلمين من الأحاديث الموضوعة " – برقم ( 101 ) ، والهلالي في "سلسلة الأحاديث التي لا أصل لها" – برقم ( 27 ) ، والعجلوني في "كشف الخفاء"– برقم (1500) ، أنظر السلسلة الضعيفة 78 - قال صاحب الأحاديث التي لا أصل لها : ( وأما ما يدور على الألسنة من قولهم " سؤر المؤمن شفاء " فصحيح من جهة المعنى رواه الدارقطني في " الافراد " من حديث ابن عباس مرفوعا : " من التواضع أن يشرب الرجل من سار أخيه " أي المؤمن ) 0
وكذلك حديث : ( ريق المؤمن شفاء ) ( لا أصل له ، وقد ذكره الحوت في " أسنى المطالب " – برقم ( 718 ) ، والقاري في " الأسرار المرفوعة " – برقم ( 217 ) ، والزبيدي في " تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس " – برقم ( 86 ) ، وابن طولون في " الشذرة في الأحاديث المشتهرة " – برقم ( 468 ) ، والمشيشي في " اللؤلؤ المرصوع " – برقم ( 229 ) ، والهروي في " المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " – برقم (144) ، والسخاوي في " المقاصد الحسنة " – برقم (534) ، والسنباوي في " النخبة البهية " – برقم ( 137 ) ، والمدني في " تحذير المسلمين من الأحاديث الموضوعة " – برقم ( 137 ) ، والهلالي في " سلسلة الأحاديث التي لا أصل لها " – برقم (28) ، والعجلوني في " كشف الخفاء " – برقم ( 1405 ) ، والزرقاني في " مختصر المقاصد " – برقم ( 505 ) ، قال السخاوي في " المقاصد الحسنه " ( 534 ) : معناه صحيح وقد أورد السخاوي شواهد لمعناه الصحيح الحديث الذي ذكرته آنفا ) 0
قلت : كيف وإن خالط النفث كلام الله عز وجل ، وقد وردت الأدلة الثابتة المؤيدة لذلك ، فقد ثبت من حديث يزيد بن أبي عبيد ، قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : ما هذه ؟ قال : أصابتني يوم خيبر 0 فقال الناس : أصيب سلمة ، فأتي بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث في ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها حتى الساعة ) ( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب المغازي ( 38 ) – برقم 4206 ) ، وثبت أيضا من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : ( كان ينفث في الرقية ) ( صحيح الجامع 5022 ) 0
قال المناوي : ( " كان ينفث في الرقية " بأن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ فيهما قل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من بدنه يفعل ذلك ثلاثا إذا أوى إلى فراشه وكان في مرضه يأمر عائشة أن تمر بيده على جسده بعد نفثه هو فليس ذلك من الاسترقاء المنهي عنه كما ذكر ابن القيم وفيه دليل على فساد قول بعضهم أن التفل على العليل عند الرقى لا يجوز ) ( فيض القدير – 5 / 250 ) 0
وبالإمكان مراجعة جزء من هذه السلسلة للوقوف على حقيقة ذلك ، وأقوال أهل العلم في مسألة النفث ، كما وردت في كتابي الموسوم ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الرقية بفاتحة الكتاب ) 0
إن التجربة والخبرة في هذه المسألة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن النفث في وعاء واحد أو أوعية مختلفة له نفس التأثير والمفعول ، والقضية متعلقة بالمعالج واعتقاده ومنهجه ، ويفضل عدم مخالطة لعاب الراقي لكلام أهل الدنيا قبل النفث ، فذلك أنفع وأنجح بإذن الله 0
وقد تكلم بعض أهل العلم بعدم جواز النفث في أوعية كثيرة ، فالمسألة خلافية ، وموقفنا معلوم من الخلاف بين أهل العلم الثقات حفظهم الله 0
ج - وأما الإشارة إلى مسألة اللعاب المبارك ، فقد رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ، وكذلك فعلت عائشة ، وهذا من هديه وسنته – عليه الصلاة والسلام - ، ومما أقر فعله ، ولا يعني فعل ذلك ورقية الإنسان لنفسه ولأهل بيته قبل النوم ، أو في مواضع أخرى ، أنه ذو لعاب مبارك ، فالقضية ليست مرتبطة باللعاب ولا بغيره ، إنما هي مرتبطة بكلام الله عز وجل وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم والنية والتوجه الخالص له سبحانه وتعالى 0
7)- ذكر أنه نظرا لما تدره تلك الكيفية السابقة على أصحابها من أموالا طائلة ، فقد يقوم بعض المشعوذين والدجالين فيتظاهرون بالقراءة ، فيفتحون دكاكين لهذا الغرض ويخلطون الحق بالباطل 0
أ - أما قول المؤلف بالكيفية السابقة التي تدر على أصحابها أموال طائلة ، فالواجب يحتم علينا أن نحسن الظن بالغير ، وأن لا يؤخذ الكلام على إطلاقه ، فليس كل من تصدر الرقية والعلاج اتخذ ذلك وسيلة لجمع المال ، والبعض ممن يرقى بالرقية الشرعية لا يتقاضى أجرا على عمله ذلك ، ويحتسب الأجر عند الله سبحانه ، وهذا لا يعني تحريم جواز أخذ الأجرة على الرقية ، مع أن الأولى ترك ذلك كما بين بعض أهل العلم ، والمصلحة الشرعية تقتضي ذلك ، ويتضح هذا من خلال أمرين اثنين :
1)- إن العصر الذي نعيشه اليوم ، يختلف في كافة جوانبه عن العصر الذي عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وخلفاؤه والتابعون وسلف الأمة ، وقد وهنت النفوس وضعفت ، فيخشى أن يتأثر المعالج بالجانب المادي ويتيه في ملذات الدنيا وشهواتها 0
2)- يكون العزوف عن أخذ الأجرة طريقا للدعوة إلى الله عز وجل ، وعندما ترى جموع الناس أن المعالج لا يبتغي الأجر منهم ، بل يحتسبه عند الله سبحانه فسوف يغير ذلك المسلك من فهمهم الخاطئ للرقية وأهلها ، ويكون حافزا لإقبالهم والتأثير عليهم وحبهم للدين وأهله ، وهذا منظور مشاهد محسوس 0
ب - وأما أن يقوم بعض المشعوذين والدجالين فيتظاهرون بالقراءة ، فيفتحون دكاكين لهذا الغرض :
1)- إن كان المؤلف يعني المشعوذين والدجالين في البلاد الأخرى ، فإنهم ليسوا بحاجة أصلا للتظاهر بذلك ، وهم يعلنون صراحة سحرهم وكهانتهم ، وأما إن كان يعني هذا البلد الآمن – أقصد المملكة العربية السعودية - ، فأهل الحسبة لهم بالمرصاد ، ولا يستطيعون أن يمرروا مثل ذلك الأمر ، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الدعوة والإرشاد يقفون متربصين لكل من تسول له نفسه القيام بهذا العمل الكفري الخبيث 0
2)- إن الهدف والغاية الذي يسعى له كل داعية أن يصحح طريق المسلمين ، وينير أبصارهم بالعقيدة الصحيحة والمنهج القويم المستقى من الكتاب والسنة ، وظهور فئة مشهود لها بالاستقامة والصلاح والأخلاق الحميدة ، ممن يعالجون بالكتاب والسنة ، ويظهرون لعامة الناس ويوضحون لهم الأخطار العظيمة والطرق والأساليب الخبيثة التي يتبعها السحرة والمشعوذون ، كل ذلك يساعد الناس على أن يميزوا الساحر والمشعوذ من غيره 0
3)- ولا يعني ذلك القول أن نعطل سنة أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل يعني ذلك أن كل مدعي المعرفة بالطب ممن لا علم له به ، وهلك على يديه مريض ، أن نقوم بمنع سائر الأطباء من مزاولة مهنة الطب ، هذا مفهوم خاطئ وغير صحيح ، فالذي يمنع من مزاولة هذه المهنة ، من ظهر جهله بهذا العلم دون غيره ، وكذلك الأمر بالنسبة للرقية الشرعية ، فالجاهل يردع ، والساحر الذي يظهر للناس أنه يعالج بالرقية ، لا بد أن يكتشف أمره ويفتضح سره ، وكما أشرت سابقا فالأمر تحت الرقابة والمتابعة 0
- ذكر أن بعض القراء أصحاب الكيفية الذين يتفرغون للقراءة على الناس ، ويتخذونها حرفة لهم ، يظنون أن ذلك من المستحب ، والاستحباب حكم شرعي ، وهو عبادة ، وهذا قد يجرهم إلى الوقوع في البدعة 0
إن استحباب هذا الأمر ممن تصدر الرقية الشرعية ، وأعني بذلك أصحاب العقيدة والمنهج القويم ، ما كان إلا نصرة للحق وأهله ، ومحاربة للظلم والظلمة ، ورفع معاناة بعض المسلمين ، ولا يقدر هذا العمل الجليل إلا من ابتلاه الله سبحانه بتلك الأمراض الروحية ، فاتباع المعالج طريق الرقية والعلاج ما كان إلا أسوة وقدوة برسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ) ( السلسلة الصحيحة 473 ) 0
قال المناوي : ( " من استطاع منكم أن ينفع أخاه " أي في الدين قال في الفردوس يعني بالرقية " فلينفعه " أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطا وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ) " سورة النور – الآية 39 " ) ( فيض القدير - 6 / 54 ) 0
وحتى هذه اللحظة لم أعلم قولا لأحد من أهل العلم يبين أن العمل بهذه الكيفية من المستحب ، والاستحباب حكم شرعي ، وهو عبادة وقد يجر إلى الوقوع في البدعة ، أما إن كانت تلك المقولة اجتهادات شخصية للمؤلف ، فذلك لا يعول عليه في الأحكام الشرعية 0
ولو أجمع العلماء حفظهم الله على أن الرقية الشرعية بهذه الكيفية بدعة منكرة ، لكنت أول من حارب ذلك الفعل وتصدى له ، مع علمنا اليقيني بحرص العلماء في هذه البلاد الطيبة على تتبع منهج السلف الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين - ، أما وإن كانت المسألة فيها خلاف ونظر ، فتبقى من المباح الذي لا يجوز رمي صاحبه بالبدعة ، والمسلم ينقاد بتعليمات الكتاب والسنة ويسير في حياته وفق هاذين الأصلين العظيمين ، يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه : ( 000 وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) ( سورة البقرة – الآية 285 ) 0
9)- ذكر كلاما طويلا في قضية الدعاء واستشهد بحادثة أويس القرني مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ويقول أخيرا : قلت فما الظن بالذي يقدم عليه آلاف من الناس لأجل القراءة عليهم ، ويتركون القضاة والمفتين وأهل العلم ألا يخشى عليه الفتنة 0
أ - إن جهل عامة الناس بالأحكام الشرعية الفقهية لا يعني تعطيل تلك الأحكام نتيجة للفهم الخاطئ لدى العامة ، والمسلم الحق مطالب بالعودة للينبوع الحقيقي الذي نستقي منه الأحكام الشرعية والمتمثل بالأصول الثلاثة ( الكتاب والسنة والإجماع ) ، وكذلك العودة للعلماء وطلبة العلم في المسائل المشكلة أو المبهمة ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَمَا أَرْسَلنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِى إِلَيْهِمْ فَاسئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( سورة النحل – الآية 43 ) 0
وحصول التبرك أو المغالاة في النظرة للقراء والمعالجين لا يعني إيقاف الرقية والعلاج ، والبديل عن ذلك سوف يكون اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين ، أما الكيفية الصحيحة في تلافي حصول ذلك فيكمن في إيضاح الأمور الاعتقادية والمسائل المتعلقة بالرقية الشرعية ، وتوجيه الناس وفق الكتاب والسنة ، وبفضل من الله سبحانه أصبح الكثير ممن يرتادون بعض المعالجين أو أماكن الرقية العامة التي أسست على قواعد ثابتة راسخة ، يعلمون ويفرقون بين السحرة وغيرهم ، ليس ذلك فحسب إنما أصبحوا يمتلكون كما من العلم الشرعي في كثير من مسائل الرقية الشرعية التي نقلت لهم عن طريق فتاوى العلماء حفظهم الله والمتعلقة بهذا الموضوع 0
ب - أما أن يترك القضاة والمفتون وأهل العلم ويلجأ إلى الراقي ، فكل على ثغر ، وكل ميسر لما قدر له ، فكما أن الله تعالى وهب العالم علمه الشرعي لنشره بين الناس ، والقاضي ليحكم بينهم بالعدل وبشريعة الله ومنهجه ، فهو الذي قيض هذا الإنسان لمساعدة إخوانه ، وهذه منة من الله سبحانه يهبها لمن يشاء 0
ج - الفتنة قد تحصل للراقي ولغيره ، ولذلك يجب على كل مسلم سواء كان عالما أو قاضيا ونحوه ، أن يجعل كل عمل يقوم به خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى 0
د - بالنسبة لقصة أويس –رحمه الله- مع عمر – رضي الله عنه - ، فكيف نفترض افتراضا لم يحصل أصلا وهو قول المؤلف :
( ومع هذا لا شك بأن عمر بن الخطاب لو رأى أن أهل المدينة اجتمعوا على أويس لطلب الدعاء ، وقدم أهل مكة وأهل العراق لأجل هذا الغرض لمنعهم مع فعله هو له ) 0
إذن ما الحكمة من إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك التابعي الجليل المخضرم بأنه مستجاب الدعوة ، وهذا يعني أن المسلمين لو طلبوا منه أن يدعو لهم دون مغالاة أو تبرك ونحوه ، لما ضرهم ذلك شيئا ، ولا نستطيع القول بأن عمر كان سيقر ذلك أم لا وعلم ذلك عند الله تعالى 0
10)- ذكر أن في هذا الأمر مفسدة من حيث تعلق الناس بالراقي ، ويقول لا شك بأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة خاصة إذا عظمت المفسدة على المصلحة 0
قد يكون في نظر المؤلف أن المفسدة أعظم من المصلحة ، ولكني أرى والله تعالى أعلم ونتيجة لخبرتي في هذا المجال ومعاشرتي لكثير من الناس ، بأن المصلحة الشرعية أعم وأشمل بكثير من المفسدة المترتبة على القراءة بهذه الكيفية للأسباب التالية :
أ - المصلحة الشرعية تقتضي أن يوضح للمسلمين الكيفية الصحيحة للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة 0
ب - المصلحة الشرعية تقتضي لجوء المسلمين للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، بدل اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين 0
ج - المصلحة الشرعية تقتضي أن تكون هذه الأماكن منابر للدعوة إلى الله عز وجل بطرق شتى ووسائل جمة 0
د - المصلحة الشرعية تقتضي ، نصرة المظلوم ، ومحاربة الظلم ، وتفريج كربة عن مسلم عانى ويعاني منها منذ سنوات طوال ، وقد ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ، ستره الله يوم القيامة ) ( متفق عليه ) 0
هـ- المصلحة الشرعية تقتضي أن يتبين الناس دواعي تلك الأمراض ، والأسباب الحقيقية لتسلط الجن والشياطين على الإنس ويحذروا منها 0
و - المصلحة الشرعية تقتضي أن يزداد الناس إيمانا بعد أن يروا بعض الوقائع عن هذا العالم الغيبي وكيفية تأثير كتاب الله عز وجل على الجن والشياطين 0
وقس على ذلك الكثير ، وهذا لا يعني حصول بعض المفاسد المترتبة على ذلك الأمر ، ولكن بالاتكال على الله ، وبتكاتف جهود من يعالج بالكتاب والسنة مع العلماء وطلبة العلم ، فلا بد أن تذلل الصعاب وأن يعم الخير والفائدة على المسلمين 0
11)- إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس فالرقية والدعاء من جنس واحد فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس تعالوا الي أدع لكم !!
لا يعتقد أن دعاء المسلم لإخوانه فيه أدنى عيب أو انتقاص ، بل يعتبر فعلا وخصلة من خصال الخير ، وقد تكلم أهل العلم في دعاء الصالحين والانتفاع بدعائهم ، فأجازوا ذلك وبينوا مشروعيته ، إن كان بضوابطه الشرعية ، وأنه لا يقدح بسائله أو صاحب الدعاء سواء كان من أهل الرقية وغيرها ، وهذا لا يعني مطلقا الجلوس من أجل ذلك ، وقد أسلفت أن القضية برمتها وهي " القراءة الجماعية " تنظيما للوقت ليس إلا وليس الهدف والغاية من اجتماع المرضى هو الدعاء لهم بالشفاء ، ولو كان القصد من الاجتماع هو ذلك العمل لأصبح هذا الأمر عين البدعة والله تعالى أعلم 0
قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : ( كما يمكن الحصول على بركة دعاء الصالحين أيضا عن طريق طلب الدعاء من أحدهم ، خاصة عند وقوع المسلم في ضيق شديد ، أو مرض ، أو مصيبة ، فيطلب منه أن يدعو ربه ليفرج عنه كربه ، أو يشفيه من مرضه ، وهذا يعتبر من أنواع التوسل المشروع ) ( التوسل – أنواعه – وأحكامه – 38 ) 0
قال الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الجديع : ( من منافع وبركات الصالحين على أنفسهم وعلى غيرهم دعاء الله تبارك وتعالى وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة 0 والدعاء شأنه عظيم ، وهو نوع جليل من أنواع العبادة لله عز وجل ، يحتاج إليه المسلم في سائر أحواله ، وفي الرخاء والشدة ، وقد تكفل الله تعالى بإجابة من دعاه ، وللدعاء آداب ولإجابته أسباب ، مذكورة في مواضعها 0 والمقصود هنا أن دعاء الصالحين المتقين له ثمرات نافعة ، وآثار طيبة في الدنيا والآخرة - بإذن الله تبارك وتعالى - لهم أنفسهم ولغيرهم من إخوانهم المؤمنين ) ( التوسل – أنواعه – وأحكامه – 271 ) 0
وتوجه المعالج لله سبحانه وتعالى بالدعاء لإخوانه المرضى بإخلاص ويقين أمر طيب محمود ، وقد يمن الله ببركة دعائه على كثير ممن ابتلي بتلك الأمراض ، والكلام بعمومه يقصد المعالجين الصالحين المتقين ، ولا يعني مطلقا من لا خلاق لهم ، وهذا يتعارض مع ما ذكره المؤلف من توجيه رسالة للناس مفادها ( تعالوا أدع لكم ) 0
12)- ذكر أن انتشار هذه الظاهرة قد يوهم الناس ومن لا علم عنده بأن الكيفية هي الطريقة الصحيحة للرقية فيظل الناس يطلبون الرقية من غيرهم وتتعطل سنة رقية الأفراد 0
إن الذي لا يمتلك كما من العلم الشرعي لن يختلف حاله في الرقية وغيرها ، ولن يأبه باتباع الطرق الصحيحة وغير الصحيحة للعلاج ، سواء كان ذلك باللجوء للسحرة والمشعوذين ، أو طرق أبواب كل مدع ومستعين بالجن الصالح بزعمهم ، وكل ما يسعى إليه هو الشفاء بأي طريقة أو وسيلة ، مع أن الذي أراه أن اللجوء للرقية الشرعية فيها سبب عظيم لإيضاح كثير من الحقائق المتعلقة بالرقية والمسائل المرتبطة بها ، خاصة إن كان المعالج يهتم في منهجه وطريقته بإيضاح أمور العقيدة لمرضاه ، وتعليمهم الأسس والثوابت في الرقية والعلاج ، كالتوجه لله وسؤاله الشفاء والعفو والعافية ، وكذلك رقيتهم لأنفسهم ويقينهم التام بالله سبحانه وتعالى 0
وتجدر الإشارة إلى أن البعض ممن ابتلاه الله سبحانه بتلك الأمراض ، لا يستطيع أن يواجه ذلك الأمر بمفرده أو أن يقوم برقية نفسه ، وذلك بسبب تسلط الجن والشياطين له وإيذائه وصرعه ، أو قيام أحد من أهل بيته بفعل ذلك ، لعدم قدرته أو خوفه ، أو امتلاكه الخبرة التي تؤهله لذلك ، وقد يخطئ العلاج وتصبح المفسدة عظيمة 0
فإذا لم يلجأ هؤلاء الناس لبعض المعالجين أصحاب العقيدة والمنهج الصحيح أو الأماكن العامة للرقية ، وهم أصلا لا يحضرون حلقات العلم ولا المحاضرات ، وقد أحاطتهم المعاصي من كل حدب وصوب ، فمن أين لهم وضوح الكيفية والطريقة الصحيحة للرقية الشرعية 0
وأود أن أوضح أن طرح هذا الموضوع ما كان إلا للمصلحة العامة للمسلمين ، وما القصد بذلك ذم أو تجريح لأحد ، ولكن رأيت ذكر الحقائق والوقائع لقربي من المعاناة التي يعاني منها الكثير ، وأحمل همومهم وجراحاتهم ، كما أحمل هموم وجراحات العالم الإسلامي ، وهذا لا يعني مطلقا موافقتي لما أراه وأسمعه اليوم على الساحة ، ولكنني أؤكد أنه بالإمكان توظيف ذلك الأمر للمصلحة العامة للمسلمين ، وذلك بتكاتف كافة الجهات المسؤولة لتقنين الرقية الشرعية من الرواسب والشوائب التي لحقت بها نتيجة للممارسات الخاطئة 0
فواجبنا الاهتمام بالمصلحة العامة للمسلمين في شتى بقاع الأرض وأن نقدم لهم جل ما نستطيع ابتغاء وجه الله سبحانه ، وبذلك يتحقق الخير العظيم بإذنه تعالى ، وقد ثبت من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم ، كتب الله له به حسنة ، ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة ) ( السلسلة الصحيحة 2306 ) 0
قال المناوي : ( " من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم" كشوك وحجر وقذر " كتب الله " له " به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله الجنة " تفضلا منه وكرما ) ( فيض القدير – 6 / 43 ) 0
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الكاتب لما يحب ويرضى ، ونسأله أن يجمعنا وإياه وسائر المسلمين في جنات النعيم إنه سميع مجيب 0
مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0